انتهى حلم رافا بينيتيز الأخير في عالم التدريب بعد أن هبط مما وصفه بقمة عمله التدريبي ليتولى الأمور مدرب مازال يتلمّس خطواته في مسيرته التدريبية.
رافا أكمل 7 أشهر بالضبط في تدريب ريال مدريد منها شهرين ونصف بدون مباريات رسمية لتصل مسيرته في رأيي إلى شاطئها الأخير في قمة العمل التدريبي وسيحتاج لنادي كبير جريء جدًا ليقبل بأن يتولى الإسباني تدريبه بعد سلسلة من التجارب غير المرضي عنها.
"لست مستعدًا ومازلت أتعلم" كانت هذه كلمات زين الدين زيدان في نوفمبر الماضي عندما سُئل عن إمكانية تدريبه لريال مدريد. البعض استعان بتلك الكلمات للدلالة على أن زيدان نفسه ليس جاهزًا لتلك المهمة لكن تصريحًا آخر في مارس الماضي -عن أنه سيقبل بالمهمة في حالة التخلي عن كارلو أنشيلوتي- يدل على أن حديثه في نوفمبر كان ربما لدواعي الدبلوماسية وللمحافظة على استقرار الفريق تحت قيادة رفائيل بينيتيز.
ربما يرى البعض أنه كان الأفضل لزيدان أن تولى مهمة ريال مدريد في الصيف الماضي عقب رحيل كارلو أنشيلوتي بدلًا من استلام تركة بينيتيز وسط الأمواج المتلاطمة للموسم والتي بدأت بالخروج من كأس الملك وانتهت بالتراجع للمركز الثالث في الترتيب.
لكن في الواقع فإنني أرى أن زيدان لم يكن ليقوى على تولي تدريب ريال مدريد عقب مدرب ناجح حاز على إعجاب الأغلبية من المحبين ككارليتو، فمن أهم أسباب فشل رافا بينيتيز هو الجمهور واللاعبين.
الجمهور لم يكن ليستطيع أن يصبر على بينيتيز كثيرًا سواء على مستوى الأداء أو النتائج بينما كان اللاعبون أقل صبرًا من الجمهور نفسه فالعلاقة مع أنشيلوتي كانت مثالية خصوصًا وأن المدرب الإيطالي جاء بعد فترة متوترة جدًا مع أفول مسيرة جوزيه مورينيو.
تجربة جوارديولا
في كل مرة كان يُطرح فيها اسم زيدان كان المشجع المدريدي يرد على من يسخر من الفكرة بأن بيب جوارديولا نجح مع برشلونة، والحقيقة أن مشجع ريال مدريد يمتلك منطقًا لا يمكن وصفه بالخاطئ لكنه كذلك ليس صحيحًا 100% فجوارديولا بشكل عام كان تلميذًا نجيبًا ليوهان كرويف بينما لم يكن زيدان تلميذًا لشخص معين وذلك رغم أنه تدرب تحت قيادة العديد من المدربين الكبار كمارتشيلو ليبي وفيثنتي دل بوسكي وإيميه جاكيه.
زيدان بحث عمن يزيده من الخبرة التدريبية ولم يتوقف على المدرسة التي اعتاد اللعب تحت قيادتها بل ذهب ليطلب التعلم من المدرسة اللاتينية عبر نصائح مارسيلو بيلسا وقت أن كان مدربًا لمارسيليا وطار إلى ميونخ ليستزيد من بيب جوارديولا.
والحقيقة أن زيدان ببحثه عن الاستزادة من أي شخص حتى لو كان أيقونة برشلونية يوضح بشكل كبير أنه كان راغبًا في ألا يدخل لمجال التدريب دون أن يكون جاهزًا وأنه عكس بعض من اللاعبين الكبار يشعر وأن لديه من الخبرة الكافية للتدريب فقط لأنه كان لاعبًا كبيرًا لكن يبدو وأن نداء ريال مدريد كان أمرًا لا يمكن رفضه عاطفيًا أو حتى عمليًا، فمن هذا الذي يمكن أن يرفض تدريب ريال مدريد مالم يكن كتلونيًا صريحًا؟
إذًا ما الفارق بين زيدان وجوارديولا؟ بيب يمتلك فلسفة واضحة في التدريب بينما لا يُعرف بعد ما إذا كان زيدان يمتلك قناعات ثابتة، فقد لعب في الكالتشو حيث المدارس الدفاعية الصارمة وتواجد مع فريق الجالاكتيكوس حيث الكرة المفتوحة بدون حسابات دفاعية وحاول تشرّب الفلسفة الكتلونية الممزوجة باللاتينية من خلال زياراته لبيلسا وجوارديولا.
ليس هذا فقط، بل إن زيدان بشكل عام لم يُظهر قدرات خارقة أثناء تدريب ريال مدريد كاستيا، وإن كان علينا الاعتراف بأن الفريق الكبير يساعد المدرب بكل الأشكال وهو الأمر الذي تحدث عنه المدرب الإنجليزي سام آلاردايس الذي كان يتمنى دومًا تدريب فريق كبير ليُظهر وأنه يستطيع فعل ما يفعله مدربي الفرق الإنجليزية الكبيرة.
ففي يوم من الأيام كنت أتحدث مع أحد مدربي الأندية المصرية وأخبره بأن هناك بعض النقاط التي يتعين عليه أن يخبرها للاعبيه فأقسم لي بأنه يدرّبهم عليها لكن قدراتهم أضعف من أن يستطيعوا القيام بها، وربما كان هذا هو موقف زيدان مع الكاستيا وهو ما يتحدث عنه سام آلاردايس.
هل كان زيدان أفضل بديل؟
لم أفهم انتظار إدارة ريال مدريد لما بعد أجازة الكريسماس لإقالة رافا بينيتيز، فكل الأخبار كانت تقول إن الأمور ليست على ما يرام في غرف الملابس وحسنًا فعلت عندما انتظرت الإدارة عقب الكلاسيكو لإعطاء فرصة لتعديل الأمور، لكن لم يظهر وأن بينيتيز قد نجح في السيطرة من جديد على غرف الملابس –سواء بالصرامة أو بكسب اللاعبين لصفه- فلماذا التأخير والأداء لم يتغير والنتائج ليست مضمونة؟
لكن هل كان زيدان هو أفضل بديل لرافا؟ الواقع يقول إنه لم يكن الكثير من المدربين المميزين متاحين في السوق لكن لا أحد أيضًا يستطيع الجزم بأن ريال مدريد حاول مفاوضة يوب هاينكس وأجاب بالنفي.
اختيار يوب هاينكس كان في رأيي أفضل من اختيار زيدان، فالألماني أكثر خبرة وتجربة وكذلك سبق له وأن درب ريال مدريد ما سيساعده على الاعتياد سريعًا على الأجواء الإسبانية بشكل عام والمدريدية بشكل خاص لكن لا أحد يعرف ما إذا كان ممكنًا فعلًا إقناع الرجل بالعدول عن قرار اعتزال التدريب أم لا.
الميزة الأهم لزيدان
هذا يعني أن الخطوة الأولى الأهم لريال مدريد حاليًا يستطيع زيدان القيام بها وهي إعادة لم شمل غرف الملابس واستيعاب تذمر بعض النجوم من عدم المشاركة بانتظام وكذلك اكتساب ثقة اللاعبين ولو مؤقتًا حتى يبرهن ذلك خلال التدريبات وداخل الملعب.
الخلاصة
فعليًا، زيدان مخاطرة كبيرة، لكن الحقيقة أنه أيضًا كان الخيار المتاح –علمًا بأن كلوب كان متاحًا في الصيف الماضي وفوته فلورنتينو لصالح بينيتيز- وفي الوقت الذي لا يمكن التأكيد فيه على أن تجربته سيصيبها الفشل، فإنه بالتأكيد على جماهير ريال مدريد أن تعي جيدًا أن تجربته لا يمكن البرهنة على نجاحها فقط لأن هناك صورًا تظهر زيدان يصرخ من على خط الملعب على العكس من رافا بينيتيز وإلا لكان حسام حسن أعظم مدرب في العالم، ولا يمكن البرهنة على نجاحه فقط لكونه لاعب تاريخي –والأمثلة كثيرة على الفشل في مقدمتها أعظم العظماء مارادونا-، ففي النهاية زيدان لن يشترك في المباريات بقدمه بل برأسه .. تلك التي نطحت ماتيراتزي يومًا ما في برلين.
تعليقات
إرسال تعليق